كتاب جديد لأستاذة بجورجتاون عن الصراع في دارفور يقدم رؤية جديدة لسلام دائم 

WP_NewsImage-Template-16X9-4

تناولت وسائل الإعلام الدولية الحرب في دارفور على أنها نزاع عرقي طويل الأمد بين السودانيين العرب والسودانيين من أصل أفريقي. لكن الدكتورة رقية أبو شرف، الأستاذة بجورجتاون في قطر، الجامعة الشريكة لمؤسسة قطر،  تقدم في كتابها الذي صدر حديثًا بعنوان “دارفور قصة رمزية” (مطابع جامعة شيكاغو، 2021)،  تحليلاً أكثر دقة يهدف لتصحيح السجل التاريخي، وليعطي صوتًا لوجهات نظر أهل دارفور، ويمنح أملا في تحقيق سلام دائم.

تعتبر هذه الدراسة الإثنوغرافية، التي تتناول جذور القضايا العرقية، مساهمة قيمة في مجموعة المعارف المتعلقة بالأزمة، وهي نتيجة سنوات عديدة من العمل الميداني، بما في ذلك ترجمة وتحليل النصوص الأولية والمقابلات مع اللاجئين السودانيين النازحين داخليًا وخارجيًا. كما أنه يقدم أيضا وجهة نظر نقدية لفهم المجتمع الدولي للصراع

تذكر الدكتورة أبو شرف في كتابها: “ضمن الأدبيات الغزيرة حول الصراع في دارفور والتي بدأت في الظهور منذ عام 2003، تركز الجدل حول الأسباب الجذرية للصراع على الاختلافات العرقية في المقام الأول. فببساطة، شاع اعتقاد بأن التيارين العروبي والأفريقي يتواجهان في مسار تصادمي في السودان “.

وأضافت أن إضفاء الطابع العنصري على الصراع بهذه الطريقة يخلق رواية أحادية خطيرة:  “في أي موقف تحاول فيه تطبيق نماذج تمثل وجهة نظر واحدة، فهذا يقوض ويزيد تعقيد الحقائق على الأرض، وهو يجرد أيضًا الشعب السوداني من هوياته المتعددة ويتجاهل تاريخ التعايش السلمي بين فئاته”.

وتقدم الدكتورة أبو شرف مثالا على ذلك مشيرة إلى أن الحكم الاستعماري البريطاني هو الذي غرس الاختلافات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وخلق الطابع المؤسسي لعدم المساواة التي تشعل الصراعات العرقية. وقد ورثت النخبة الحاكمة بعد الاستقلال في عام 1955 منظومة الحكم السيئ والسياسات التمييزية التي تحابي السودانيين العرب واستمرت في هذا النهج الرديء. ويتضمن إرث ما بعد الاستعمار النزاعات الحدودية والاضطرابات الاقتصادية والعسكرة وتصاعد المنافسة على الموارد الطبيعية مما أدى إلى سياسات الندرة التي تضع المجتمعات في مواجهة بعضها البعض .

تضمنت أبحاث الدكتورة أبو شرف مقابلات مع أفراد من الجالية السودانية العريضة في قطر، الذين يتذكرون جهود الوساطة والإغاثة القطرية خلال هذه الأزمة. وتشير إلى أن “المهاجرين والمندوبين والمتمردين الدارفوريين كثيرا ما استشهدوا بالدور القطري”.

تستدرك الدكتورة أبو شرف مشيرة إلى أن اتفاقيات السلام القائمة على الانقسامات العرقية فشلت في تأمين سلام دائم، وأنه يمكن تحقيق سلام دائم فقط من خلال معالجة التفاوتات الراسخة والتاريخية التي تمثل الأسباب الحقيقية للصراع .

“يقول بعض النقاد إنه يتعين علينا التوقف عن إلقاء اللوم على الاستعمار في مشاكل السودان الراهنة، لكن لا يمكنك تجاهل ذلك. فدارفور كانت بمثابة مختبر لفهم القضايا الرئيسية المتعلقة بالسياسة والمجتمع السوداني وانقساماته الأفريقية والعربية ولفضح العلاقات الإنسانية الهشة في دولة السودان ما بعد الاستعمار التي أوقعت نفسها في كارثة “.