أستاذ اقتصاد بجامعة جورجتاون في قطر يؤكد أن ما اتخذته البلاد من إجراءات يضعها على مسار التعافي السريع من تبعات انتشار الوباء

Dr. Jack Rossbach

يستمر تفشي فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، مما يعطل انتظام عمليات التوريد وانتقال البضائع دوليا، ويدفع لهبوط تاريخي في أسواق الأسهم والبورصات العالمية، ويؤدي إلى تصاعد معدلات البطالة. ولم تكن الإجراءات المتخذة المتعددة الأطراف التي تمت بالتنسيق بين الحكومات والبنوك المركزية كافية لإزالة المخاوف من حدوث ركود عالمي، وهو الركود الذي صار واقعا لا يمكن إنكاره بعد أن كان مجرد احتمال أو افتراض. وتعقيبا على ذلك يقول الدكتور جاك روسباخ، أستاذ الاقتصاد المساعد في جامعة جورجتاون في قطر، وهي الجامعة الشريكة لمؤسسة قطر، “لقد أصبح الأمر مؤكدًا الآن ، فنحن نشهد ركودا عالميا في الوقت الحالي ولا يوجد أي شيء يمكن أن تفعله الحكومات لمنعه”.

يظل اللغز الذي يواجه صانعي السياسة المالية هو حقيقة أن الطريقة الوحيدة للحد من انتشار فيروس كورونا هي تجميد حركة الأشخاص والبضائع اللازمة لتنمية الاقتصاد. ويشير الدكتور روسباخ إلى أن الحكومات لا يزال لديها مجال للمناورة بقوله: “يمكن للحكومات أن تتخذ خطوات للحد من الأثر الإنساني للركود الاقتصادي ولضمان قدرة الاقتصادات على التعافي بسرعة بمجرد انحسار الوباء.”

 

ففي الولايات المتحدة، اجتمع الكونغرس، الذي يعاني من الاستقطاب الشديد، لمناقشة وإقرار مجموعة غير مسبوقة من المساعدات المالية بقيمة 2 تريليون دولار لتحقيق الاستقرار الاقتصادي تتضمن مدفوعات مباشرة للأفراد وتغطية خسائر البطالة ودعم الأعمال. وتأتي هذه الإجراءات الإغاثية في الوقت الذي يواجه فيه أصحاب الأعمال خيار اتباع أوامر الإغلاق أو الاستمرار في العمل لسداد تكاليف الاحتياجات الأساسية. وعن هذا يقول دكتور روسباخ: “يجب على الدول أن تعمل لضمان أن الأفراد المعرضين لخطر فقدان مصادر دخلهم قادرون على البقاء في منازلهم وعدم فقدان إمكانية الحصول على المرافق والاحتياجات الأساسية الأخرى، لأن هذا يحمي الضعفاء ويشجعهم على الامتثال للتدابير الطارئة التي وضعت للحد من انتشار الفيروس.”

 

في قطر، بدأ التحسب لخطر انتشار الفيروس في وقت مبكر، مع انتقال المدارس للتدريس عبر الإنترنت، ووضع أنظمة وتدابير العمل من المنزل، وإغلاق الشركات والانشطة غير الضرورية وتشديد القيود على السفر واستقبال المسافرين من الخارج، وذلك في الوقت الذي بُذلت فيه جهود لإبطاء معدل الإصابة بالعدوى من أجل تخفيف العبء عن كاهل المنظومة العلاجية والهيئات الطبية، أو مايعرف بمصطلح “تسطيح المنحنى البياني لمعدل الإصابة”، وتم تعزيز وتوسيع المرافق والمنشئات الصحية استعدادًا لتفاقم الأزمة المرتقب. ويقول الدكتور روسباخ: “فيما يتعلق بتبعات وعواقب هذه الأزمة، يجب على الدولة توفير تسهيلات لتخفيف سداد الديون على المدى القصير لمنع تفاقم حالات التخلف عن السداد، لأن هذا من شأنه أن يزيل أي أمل في التعافي السريع.” وأضاف قوله: “إن مجموعة إجراءات الإغاثة القطرية، التي تبلغ قيمتها 75 مليار ريال، موجهة نحو هذه الأهداف بالتحديد، وتوضح أن الحكومة تستجيب بسرعة لأبرز المخاوف الاقتصادية العاجلة “، في إشارة إلى أول تعامل حكومي رئيسي يهدف إلى تخفيف آثار الأزمة على الأفراد والشركات.

 

وفي حين أن الآثار غير المسبوقة لانتشار فيروس كورونا تركت الشركات والاقتصادات حول العالم تحسب التكاليف المتزايدة والخسائر، إلا أن النتيجة لم تكن واضحة المعالم، كما يشرح الدكتور روسباخ قائلا: ” لقد جلب هذا الوباء معه أزمة اقتصادية غير مسبوقة. ومع ذلك، فيجب أن ترسخ خطوات قطر الأولية معايير الثقة بأن الدولة ستخرج في نهاية المطاف من الوباء دون أدنى أذى أو أضرار ملموسة “.

 

تشجع حزمة الإغاثة القطرية البنوك على تأجيل أقساط القروض وتأجيل التزامات القطاع الخاص لمدة ستة أشهر، وتوجيه الأرصدة الحكومية لزيادة استثماراتها في البورصة بمقدار 10 مليار ريال، وإعفاء السلع الغذائية والطبية من الجمارك لمدة ستة أشهر بشرط أن تعود هذه الإعفاءات بالفائدة على المستهلك منعكسة  في سعر البيع النهائي، فضلا عن تسهيل سداد فواتير الكهرباء والمياه والإيجارات لقطاعات معينة لمدة ستة أشهر.