أستاذ اللغة العربية في جامعة جورجتاون قطر ينشر كتاباً نقديًّا حول الشّعر

Arabic Poetry Criticism Book Cover

يشكّل كتاب الدكتور محمود العشيري، الأستاذ المشارك في جامعة جورجتاون قطر، والمعنون بـــ”الشعر سرداً، دراسة في نص المفضليات”، إضافة نقدية هامة إلى دراسة الشعر العربي. حيث يعيد قراءة الشعر العربي القديم على أساس من فكرة “النوع” فيدرس الشعر العربي القديم وتحديداً الجاهلي من خلال التوقف عند ما جمعه أحد علماء القرن الثاني الهجري، المُفَضَّل الضَّبِيّ، في كتابه ” المفضليات” الذي يعد واحدًا من أقدم كتب المختارات في الشعر العربي القديم.ويولي الكتاب عنايته بالشعر العربي القديم باعتبار أن الشعر كان في الثقافة العربية القديمة هو الفن الإبداعي المهيمن على كافة الأنواع الأدبية وغير الأدبية أيضًا، حتى أضحى النوع الجامع لفنون العرب وثقافتهم وقيمهم. ومن هنا يستكشف المؤلف بعض معالم البناء السردي في القصيدة العربية القديمة، التي كانت موسومة على الدوام بـ”الغنائية” والصوت الشعري الواحد والوحيد للمؤلف (الشاعر)، ويعيد تأمل هذا الشعر مرة أخرى بوصفه “نصًا سرديًّا”.

ويناقش الكتاب علاقة الشعر، من حيث هو سرد، بالحياة، وهذا من خلال النظر إلى القصيدة الجاهلية بوصفها عملا فنيًّا مستقلا يعمل في ذات اللحظة بوصفه أداة توصيليّة وتواصلية. كذلك يبحث علاقتها بالتأريخ، ويتوقف أمام الشكل الرسائلي الذي تأخذه بعض القصائد أو بعض أجزائها. وكما يدرس سرد الواقع يدرس أيضا سرد الأسطورة، فيربط بين مفاهيم السرد والأسطورة والسيناريو، ويتتبّع مشاهد كل من الثور والحمار الوَحْشِيَّيْن في المفضليات بما هو سرد مُطّرِد الأبعاد، يعود لرهانات أسطوية طقوسية ويعود بعضها الآخر لرهانات أسطورية تصنع من الحياة اليومية. ويدرس الكتاب أيضا فكرة الخبر المرافق للقصيدة من حيث هو سرد نثري موازٍ لسردٍ شعري سابقٍ عليه في الأغلب، في محاولة لتحرير العلاقة السرديّة بينهما.ويدرس الكتاب أيضًا الشعر من حيث هو تمثيل سردي، فيستكشف عمل مقولتي الزمانيّة والسببيّة في النصوص، وكيف تتشكّل سَرْديًّا في ضوئهما. ويتتبع الطابع التمثيلي الرمزي (الأليجوري) الذي تأخذه بعض الشخصيات التي يَسْرُد عنها الشعر، ودلالاتها السرديّة، وما يتأسس حولها من قيم سرديّة مخصوصة.

وكذلك يناقش تحديد نسبة السرد إلى مصدره، وبحث وجهات النظر المتجاورة أو المتنافسة المتعارضة في السرد، بما يمنحنا القدرة على تأمل شخصيات النصوص وتحديد رؤيتها للعالم وأُطُر سلوكها. ومن ثم ينشغل بتحديد مَنْ يتكلم داخل النص من خلال معاينة الشخصي واللاشخصي من السرد، وعلاقة السارد بما يُضَمِّنه سردَه من سرود تعود إلى آخرين، فيدرس التنوع الكلامي وتنافذ (تصارع) اللغات.

وفي حديثه عن الكتاب، قال غيرد نونمان، عميد جامعة جورجتاون- قطر: “يضيف هذا الكتاب مساهمة نقدية مهمة على الموسوعة الأدبية العربية وعلى الدراسة التاريخية للعالم العربي عبر هذه القراءة للشعر القديم. لا يقتصر هذا العمل على تقديم أحد أعضاء هيئة التدريس لدينا نظرة جديدة في الشعر الكلاسيكي بل يعيد إحياء الإهتمام في دراسة هكذا أعمال مما يشكّل دافعاً للمزيد من هكذا أبحاث وتحاليل علمية”.

يذكر أن الدكتور محمود العشيري يعمل أيضًا على تطوير مهارات اللغة العربية، ضمن مشروع تابع لبعض الجهات الرسمية بالدولة، وصقل قدرات بعض العاملين في مجال التعليم، وكذلك يساعد في تصميم ورش العمل من أجل إعداد محتوى تعليمي جيد مبني على المهارات.