قصة طالب في جورجتاون: من كرة القدم إلى الشؤون الدولية

From Football to Foreign Service: A Georgetown Story

إذا سألت أيا من الأطفال الذين كانوا يلوحون بالأعلام في احتفالات الفوز بكأس آسيا في قطر ماذا يتمنون   أن يكونوا عندما يكبرون، فمن المرجح أن تكون إجاباتهم “لاعب كرة قدم”. ولا عجب في ذلك،  فقد اثمر الفوز الرياضي أكثر من مجرد كأس براقة – فقد صنع تاريخًا رياضيًا ، وعزّز مؤهلات قطر لاستضافة كأس العالم، وبعث روح الفخر الوطني لدى الكبار والصغار على حد سواء.

وبالنسبة لطالب السنة الأولى بجامعة جورجتاون في قطر، رافائيل زيمر، فإن أحلام كرة القدم قادته أيضاً إلى تحقيق نصر شخصي يُحتفل به كفوز وطني في بلده البرازيل. فمع اجتيازه المرحلة الثانوية، كان قد صنع لنفسه بالفعل اسمًا كرياضي واعد. لكنه باع حذاءه الرياضي من أجل شراء الكتب، وعلَّم نفسه اللغة الإنجليزية، وتصدر عناوين الأخبار لحصوله على القبول في أكثر من 20 جامعة حول العالم.

 عن هذا يقول رافائيل”لم يكن أحد يدعم حلمي لدخول الجامعة لأنه كان يتجاوز نطاق الواقع لطالب درس في المدارس الحكومية. فالعائلات تحتاج دوما إلى كل شخص يمكنه أن يعمل لكسب دخل، لذا فإن الحياة الجامعية تعد ترفا لايقدر عليه سوى الأثرياء فقط ، “.

في بلد لا تزال فيه مزايا التنمية الاقتصادية بعيدة عن متناول أولئك الذين ليس لديهم إمكانات للالتحاق  بالتعليم الخاص، تعتبر الرياضة، وكرة القدم على وجه الخصوص، مسارا نادرا وملهما لتحقيق النجاح والتحرر المالي. وكان رافائيل حالة نموذجية لذلك. فقد بدأ اللعب في ساحات مقفرة عندما كان طفلا لايتجاوز عمره 8 سنوات، لينضم إلى ناديه الأول وهو في الثالثة عشرة وليقطع رحلة يومية بالحافلة لمدة 30 دقيقة إلى ملعب المدينة المجاورة. وعن ذلك يقول رافائيل: “عندما تلعب في الأندية الاحترافية، يكون الأمر صعبا للغاية والمنافسات شرسة. كطفل لم يكن كافياً لي أن أشارك في الفريق – كان يتحتم علي أن أدافع عن مكانتي كل يوم.”

على أرض الملعب، ساعد رافائيل فريقه في الفوز بالمركز الأول في ثلاث بطولات وحقق المركز الثاني في البطولة الرابعة. كما أنه لعب كرة القدم داخل الصالات المغلقة، مما ساعد على تحقيق الانتصار في مباراة البطولة. وعلى الصعيد الدراسي، طور اهتمامًا كبيرًا بالعالم الخارجي.

عن ذلك يقول رافائيل: “كنت أعيش في بلدة صغيرة طوال حياتي، لذلك كانت لدي هذه الرؤية حيث أردت أن أعرف المزيد عن الثقافات، والشعوب  الأخرى، والتاريخ”. كان يتدرب طوال اليوم ويذهب إلى المدرسة في المساء لحضور إحدى المحاضرتين اليوميتين، التي يقدمها النظام التعليمي المكتظ. عن هذا يقول: “كنت أعود إلى البيت واستذكر دروسي حتى الساعة 2:00 صباحا، فقط للحفاظ على درجاتي.” وبعد التخرج ، وضع نصب عينيه هدف الالتحاق بالجامعة، ووجد بطله الأول في والدته، التي دعمته عندما تعلم اللغة الإنجليزية من خلال مشاهدة مقاطع فيديو على موقع “يوتيوب”  للتحضير لامتحانات القبول بالجامعة. ولكن عندما سمعته يتجاذب أطراف الحديث بطلاقة في مكالمة هاتفية، باتت مقتنعة حقاً. ويقول : “عند هذه النقطة، توقفت عن مجرد السماح لي فقط، وبدأت تؤمن بي “.

بدأت مقاطع  الفيديو على موقع “يوتيوب”  الذي يعرض مهاراته الرياضية، وهو معيار رئيسي في عالم كرة القدم التنافسية، يجتذب جهات دولية. ومن ثم بدأت عروض المنح الدراسية تتدفق. أرادت أفضل الجامعات في الولايات المتحدة وأوروبا وهونغ كونغ وثلاث كليات في الفلبين ضمه إليها، ساعية لاستقطاب الرياضي الموهوب لكي يلعب لهم أثناء متابعة دراسته. ولاحظ ذلك الإعلام البرازيلي، ويقول رافائيل: “لقد أجريت الكثير من المقابلات حول قصتي لأنني أردت أن أكون مثالاً، لإرسال رسالة إلى الشباب في نظام المدارس الحكومية بأن أحلامهم في متناول اليد رغم نظام التعليم الذي لا يمنحهم الأمل”

وفي النهاية ، تقدم إلى جامعة جورجتاون في قطر على أساس خلفيته الأكاديمية، وقد تم قبوله. وعن هذا يقول جوزيف هرناندز رئيس قسم القبول بالجامعة: ” أعتقد أنه اختار أفضل الخيارات في المجيء إلى هنا،   فإن جودة برنامجنا الأكاديمي لا مثيل لها، فضلا عن الامكانات والفرص المتاحة لطموح كرة القدم القطري، هي واضحة وملموسة بالنسبة لطالب مثل رافائيل.”

رافائيل الآن في عامه الأول في رحلة الحصول على شهادة في السياسة الدولية، ما زال يلعب كرة القدم كلما أتيحت له الفرصة، ضمن فريق جامعة جورجتاون في قطر،  وهو يمارس اللعبة في احد النوادي المحلية. لكن الأقرب إلى قلبه هو مهمة إلهام شباب في بلاده ليحلموا بأحلام كبيرة أيضاً، وبأن يفوزوا.