كتاب جديد لعضو بهيئة تدريس جورجتاون يشرح كيف تمكنت الصين من الحفاظ على وحدتها رغم تعدد الأقليات العرقية والدينية فيها.

Forging the Golden Urn: The Qing Empire and the Politics of Reincarnation in Tibet

بعد قرنين من إبداع أسرة تشينغ الحاكمة في الصين طقوسا جديدة لتشديد قبضتها على إقليم التبت، يعرض أستاذ التاريخ بجامعة جورجتاون في قطر “ماكس أوديتمان” نظرة جديدة على كيفية بداية هذا الفصل برمته، ولماذا أعادت الصين إحياء هذه الطقوس بعد مرور مائتي عام؟  في كتابه الجديد ” ابتكار الجرة الذهبية: إمبراطورية تشينغ وسياسة اختيار الزعيم الروحي المقدس في التبت”، يقدم الدكتور أويدتمان أحداثًا تاريخية تشرح أسباب ظهور فكرة إجراء قرعة الجرة الذهبية من قبل الإمبراطور “تشيان لونغ” في عام 1792، ويقيّم قدرة الولاية على تغيير التقاليد الدينية والسياسية في التبت، ثم يقارن بين جهود الدولة الإمبراطورية الصينية لإدارة الشؤون الدينية مع السياسات المعاصرة لجمهورية الصين الشعبية.

كانت “الجرة الذهبية” عبارة عن وعاء نحاسي صغير مطلي بالذهب مزخرف بشكل يشبه الزخارف الطقوسية التبتية، وكان الهدف من صنعها هو استخدامها خصيصًا لتحديد هوية الشخصية المقدسة التي تحمل لقب “الدلاي لاما” عن طريق وضع أسماء المرشحين المتعددين في الجرة الذهبية ثم سحب اسم واحد فقط.

عن رحلة بحثه في إعداد هذا الكتاب يقول المؤلف: ” خلال البحث، اكتشفت أن أحد أهم الأسباب التي دفعت الامبراطور “تشان لونغ” لابتكار طقوس الجرة الذهبية كان تدعيم ثقة الناس في صحة الاعتقادات بالتناسخ المقدس. كانت حكومة تشينغ، وبعض النخب في التبت تشعر بالقلق من تسرب الكثير من الفساد إلى مستويات عليا من كبار رجال الدين البوذيين في التبت. ولأن الرهبان المتجسدين كانوا أيضاً قادة سياسيين، فإن النزاعات حول أصالتهم قد تقوض الاستقرار السياسي للعديد من أجزاء الإمبراطورية الصينية في حينه، وقد أعادت الدولة الصينية الحديثة هذا الإجراء لأسباب مختلفة من بينها إنها تريد استخدام الطقوس للاستمرار في السيطرة على مستقبل “الدلاي لاما” وغيره من زعماء التبت البارزين، فالحزب الشيوعي الصيني مهتم أكثر بقمع القومية التيبتية من إيجاد تناسخ مقدس حقيقي.”

ومع ذلك، فإن الكتاب يعتبر ذا أهمية واسعة لأنه يتعلق بمسألة تواجهها جميع المجتمعات الحديثة: كيف ينبغي للحكومات أن تدير أمور الدين، إذا كان لها ذلك؟

 

يقول أويدتمان : “قام الحزب الشيوعي الصيني، خلال نحو ثلاثين سنة مضت، بعمله على نحو جيد في إدارة مجتمع شديد التنوع، ومنع وقوع أحدث عنف على نطاق واسع بين الجماعات الدينية والعرقية. فقد قام الحزب حتى وقت قريب بالترويج لهوية صينية شاملة. وفي غضون العام أو العامين الأخيرين، دفعت جمهورية الصين الشعبية من أجل استيعاب واحتواء أكبر للأقليات وابتكار نسخة صينية محورة من الأديان مثل الإسلام والمسيحية، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى ما سيحدث في المستقبل.”

الكتاب الذي يمتد الى 352 صفحة يحمل عنوان ” ابتكار الجرة الذهبية: إمبراطورية تشينغ وسياسة اختيار الزعيم الروحي المقدس في التبت”” هو استكشاف مفيد مفعم بالتسلية للتاريخ الصيني، نشرته له مطابع جامعة كولومبيا.