محاضر بجورجتاون يترجم مجموعة قصص لتوفيق الحكيم بعد 60 عاما من صدورها

Professor Abdul Rahman Chamseddine

صدرت مؤخراً الترجمة الإنجليزية لمجموعة قصص قصيرة لرائد الأدب المسرحي الراحل توفيق الحكيم، قام بترجمتها عبد الرحمن شمس الدين عضو هيئة التدريس بجامعة جورجتاون في قطر والمحاضر في اللغة العربية بالجامعة. وقد برع شمس الدين في توظيف قدراته اللغوية لنقل أجواء تلك القصص وما تمتلئ به من غموض وسحر ورمزية إلى القارئ الأجنبي، من خلال ترجمة اتسمت بالسلاسة والدقة وحرص المترجم في اختيار الألفاظ والكلمات التي تعكس عمق المعاني كما أراد الحكيم إيصالها إلى عقل القارئ ومخيلته، ليستمتع بها قارئ الإنجليزية بقدر ما استمتع بها قراء العربية منذ صدور هذه السلسلة القصصية عام 1953.

المجموعة القصصية التي صدرت لها هذه الترجمة هي سلسلة “أرني الله” التي تضم عشرين قصة قصيرة يجمع فيما بينها تناولاً شيقاً مفعماً بالغرابة والرمزية للعديد من القضايا الفلسفية لدواخل النفس الإنسانية ونزعاتها، وهو ما اشتهر به الحكيم عندما يطلق العنان لخياله، كاسراً كل القيود التقليدية، ليصل بالقارئ إلى المعرفة واليقين فتكتمل لديه دائرة الإيمان.

وقد حرص الأستاذ شمس الدين، الذي يهتم في أبحاثه بالألفاظ العربية في صدر الإسلام وتحديداً المصطلحات القرآنية، عند ترجمته لأعمال الحكيم على الحفاظ على ما اشتهر به توفيق الحكيم من أسلوب فلسفي ساخر ولكنه بالغ العمق في الوقت ذاته، مع إجادته لتوظيف الرمز ليجعل القارئ يصل إلى نتيجة تلامس الحقيقة عبر تشخيصها ضمن القصة. فمن خلال عدة قصص قصيرة يطغى عليها البعد العقائدي في تلك المجموعة، يبرع الحكيم في مزج مفاهيم روحانية بماديات الحياة ونزعات النفس البشرية بطرحه حقائق مجرده، ليصل بالقارئ إلى مراده بكثير من البساطة والتناول المباشر.  

عن أسباب اختيار هذه المجموعة القصصية لترجمتها إلى الإنجليزية يقول الأستاذ شمس الدين: “السبب في اختيارها لا يكمن فقط في أنها لم تترجم سابقاً، باستثناء قصة واحدة، ولكن أيضا لأن الحكيم برع من خلالها في المزج بين المدرسة الأوروبية للفكر والمدرسة العربية الإسلامية ليقدم هذه القصص القصيرة منتصف القرن الماضي، لينجح بأسلوبه البسيط الساخر الذي يسهل على أي انسان محدود الثقافة أن يستوعبه، ويفهم فحوى الرسالة التي يريد إيصالها من معان ومضامين فلسفية عميقة تمس الوجدان البشري على نحو مباشر، فضلاً عن كونها أفكاراً دينية فلسفية تقبل بها المجتمع العربي قبل سبعين عاماً، بينما تزداد الشكوك حول إمكانية أن يتقبلها المجتمع الإسلامي اليوم”.

يذكر أن توفيق الحكيم يعتبر من أبرز أعلام الكتابة للمسرح، ومن أبرع الأدباء والمفكرين في القرن العشرين، وهو أبو المسرح في مصر والعالم العربي وأحد مؤسسي فن المسرحية والرواية والقصة في الأدب العربي الحديث.