إعدام متهم بريء تظهر برأته بعد 70 عاما، وسؤال استفزازي واحد: كيف لا يكون ضحية؟
							كانت القاعة في جامعة جورجتاون في قطر تشهد توترًا مشوبًا بالترقب حيث كشفت الكاتبة المرشحة لجائزة “بوكر” نظيفة محمد كيف يجعل الكاتب التاريخ مهما… موضوعها: رجل أعدم بسبب جريمة لم يرتكبها. لكنها بدلا من أن تميل إلى إلقاء الضوء على وحشية الأحداث، قررت التركيز على الإنسان، وتسألت: “كيف لا يكون ضحية؟”
على مدى الدقائق التسعين التالية، أظهرت نظيفة محمد حججا قوية: لكيفية استعادة سرد أحداث التاريخ ولكن ليس كمراقب من بعيد، بل كباحث ثقافي من الداخل يفهم بعمق العالم الذي شكل حياة بطلها.
إعادة كتابة الرواية
بدأ سعي الكاتبة نظيفة محمد لفهم عمق شخصية محمود حسين مطان الحقيقية، وهو بحار صومالي يمتهن التجارة، أعدم ظلما في عام 1952، بخبر حزين عن ظهور براءة متهم وإلغاء إدانته بعد فوات الأوان بنحو 50 عاما. ومع ذلك، جاء أول اختراق لها عندما ناقشت الأدلة المزورة والتحيز العنصري في ذلك اليوم مع والدها الذي قال: “كنت أعرف محمود”. أدت بداية تلك المحادثة حول حياة البحارة الصوماليين إلى كتابها الأول الذي يستند إلى قصة حياة والدها، المسمى Black Mamba Boy. لكنها لم تستطع التخلي عن افتتانها بشخصية الضحية محمود حسين مطان وما تعرض له.
تمكنت في النهاية من الوصول إلى أرشيفات المحكمة، وبحثت في سجلات الشرطة وسجلات السفن من كارديف في الخمسينيات، لكنها ظلت غير قادرة على تجاوز سرد تسلسل الأحداث. لذلك فعلت ما يفعله الباحثون العظماء: طرحت أسئلة أفضل، وعن هذا تقول: “التحدي الذي واجهته لنفسي هو لماذا حدث ذلك؟ ماذا فعل محمود؟ أين تكمن إرادته في كل ماجرى؟
وبرفضها قبول صمت السجلات التاريخية، كشفت نظيفة محمد عن السخرية وعزة النفس والإيمان والإنسانية التي محتها الأرشيفات. فقد سافرت إلى حي “تايجر باي” في كارديف، وأجرت مقابلات مع بحارة صوماليين من المسنين، وجمعت جزيئات لصورة شخصية للكرامة في مواجهة الظلم.

وكانت النتيجة روايتها الواقعية ” رجال الحظ “- وهي قصة لا تكتفي فقط بسرد ما حدث، ولكنها تجعلك تشعر بما كانت تعنيه كلماتها.
خلال محادثتها مع كاميلا شمسي، الكاتبة المقيمة في جامعة جورجتاون في قطر، في الجزء الأخير من سلسلة لقاءات “قلم ” التي حظيت باهتمام وشعبية في الجامعة، أثبتت نظيفة محمد أن الكتابة المتميزة لاتنفصل عن البحث الأكاديمي الصارم، بل هي نموذج للبحث الأكاديمي في أقوى حالاته. ومن خلال شرح كيف روت قصة مطان كباحثة ثقافية تشاركه تراثه الصومالي، ألقت نظيفة محمد درسا رئيسيا حول نوع التفكير الذي يواجه طلاب جامعة جورجتاون تحديا شبه يومي للخوض في غماره – وهو مايعني طرح أسئلة صعبة وتشريح الروايات الرسمية واكتشاف الحقائق المخفية على مرأى من الجميع.
