القيادة تحت النار: دورة حية للدبلوماسية العالمية بجورجتاون في قطر
عندما وصل قادة العالم في الأسبوع الأول من نوفمبر إلى الدوحة لحضور القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية، لم تكن مبادئ التنمية المتمحورة حول الإنسان والتضامن العالمي تناقش فقط في مركز المؤتمرات—بل كانت تُعاش وتُختبر وتتعرض للتحدى داخل أسوار جامعة جورجتاون في قطر، حيث كان الطلاب يصيغون الحوارات التي ستشكل مسار جيلهم.
في ذلك الأسبوع، كانت رؤية قطر الطموحة لنهج شامل للمجتمع في حل المشكلات العالمية واضحة تماما.

انضم عميد الجامعة د. صفوان المصري إلى القمة لإدارة جلسة نقاش بعنوان “التعليم وتطوير القوى العاملة لعالم جاهز للمستقبل“، دافعا بأن مستقبل التعلم هو “نظام بيئي حيث تتداول الأفكار وتتجدد عبر الحياة.”
في اليوم الثاني من القمة، جمعت جامعة جورجتاون في قطر اثنين من أبرز الأصوات في الأمم المتحدة—سعادة أنالينا بيربوك، رئيسة الجمعية العامة الثمانين، وستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة—مباشرة في حوار مع طلابها. كانت النتيجة مدهشة.
بالنسبة لموزا الهاجري (دفعة 2026)، التي تدرس الاقتصاد مع تخصصات فرعية في اللغة العربية والتاريخ، لم يكن هذا مجرد مناسبة جامعية آخرى؛ كانت لحظة حاسمة. صعدت إلى المنصة لإدارة كلمة رئيسية لسعادة رئيس الجمعية العامة بيربوك بعنوان “عالمنا اليوم، عالمكم غدا”، في وقت كانت فيه مشاعر الطلاب في أوجها: فقد خرج ما يقرب من 100 طالب من الجلسة احتجاجا، وتعبيرا عن غضبهم العميق وحزنهم تجاه الوضع في فلسطين – وما جادل الطلاب بأنه مسؤولية قيادة الأمم المتحدة. كان النقاش الذي تلا ذلك صريحا، مشوقا، وإنسانيا بقدر من العمق.
شرحت موزا أن البقاء ثابتا على المسرح لا يعني الانفصال، واستفاضت قائلة : “بالطبع لدي آرائي الخاصة، لكن في تلك اللحظة، كانت مسؤوليتي أن أحافظ على أرضية مشتركة يمكن أن تدور عليها مناقشات صعبة جدا ولكن دون أن تنهار.” وأضافت أن خلق مساحة للخلاف هو شيء تعلمته من سنوات من النقاش التنافسي وتتوقع أن تستفيد منه طوال مستقبلها في الخدمة المجتمعية العامة، وأضافت قولها: “الاعتدال لايتعلق فقط بعدم الانحياز لأي طرف، الأمر يتعلق بخلق أرضية مشتركة يمكن من خلالها التعبير عن الخلاف بصدق وسماع واضح.”

محاولة تحقيق التوازن بين الصراحة والدبلوماسية، رسخت موزا النقاش على قيم جورجتاون. معترفة بحزن الطلاب الذين فقدوا عائلاتهم في غزة، ذكرت الجمهور بأهمية الحوار: “الجلوس في الغرف، حتى مع الخصوم، وتعزيز ذلك الحوار. لهذا السبب تستضيف جورجتاون هذا الحدث، ولهذا تستضيف قطر الوساطة.”


الأسئلة التي تلت ذلك—من خيبة الأمل من قادة العالم إلى الانتقادات لسياسات ألمانيا—كانت من أكثر الأسئلة تصادمية التي شهدتها جامعة جورجتاون في قطر على الإطلاق. بالنسبة لموزا، أمسكت تلك اللحظة بمعنى الدراسة في كلية الشؤون الدولية بجورجتاون في الدوحة— هذه المدينة التي تضع نفسها كنقطة لقاء للحوار، حتى عندما يكون الحوار متوترا. “الانخراط في مناقشات عميقة ليست أمرا سهلا على الإطلاق عندما تكون المخاطر عالية، لكن عزل أنفسنا عن الدبلوماسية التي تنشط من حولنا ليس الحل أيضا.”
بدلا من أن يكون الحوار عرضا للموافقة، أصبح هذا التبادل استعراضا لرباطة الجأش تحت الضغط—لما يعنيه أن تحتفظ بمساحة للخلاف دون الاستسلام له.
كانت قيادة موزا في الحرم الجامعي، بما في ذلك عملها كرئيسة لجمعية سفراء جورجتاون، قد أعدتها لهذه اللحظة قبلها بوقت كاف، وعن هذا تقول: “بطبيعة الدراسة في جورجتاون، نحن دائما نختلف داخل الصف، ونتناقش دائما. لذا أعتقد أن هذا بالتأكيد يجهزك لما هو آت، فالطلاب يتعلمون أدوات جديدة ليكونوا مناصرين ومدافعين عن المكان الذي ينتمون اليه أو أي شيء يهتمون به، وهذا ما يساهم في بناء ذلك الشغف لاتخاذ مواقف الدفاع والمناصرة.”
كما أشار عميد الجامعة د. صفوان المصري في تقديمه لسعادة رئيس الجمعية العامة بيربوك، فإن مشاركة جورجتاون في قطر التي استمرت عقدين من التواصل عن قرب مع الأمم المتحدة — بما في ذلك استضافة أطول برنامج لنموذج للأمم المتحدة في البلاد ومجلس شباب الأمم المتحدة الاقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا — تعكس التزاما بتعزيز النقاش المثمر. وعن هذا قال: “التعليم هنا يغرس بذور الحكمة، والشجاعة لطرح الأسئلة الصعبة، والانضباط لمواجهة إجاباتها والتعامل معها.” وأضاف أن استضافة قادة الأمم المتحدة يعتبر “شهادة على المساحة الفكرية والأخلاقية التي نخلقها للحوار الصادق المثمر على نحو إيجابي.”
بعد يومين، تحدث وستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة — وهو نفسه خريج كلية الشؤون الدولية بجورجتاون — بصراحة عن رحلته في الأمم المتحدة، مقدما للطلاب خارطة طريق للوصول إلى مواقع التأثير، قائلا: “لقد استخدمت ذلك في أوقات مختلفة من مسيرتي المهنية،” قال عن شبكة جورجتاون. “إنه داعم جدا لها من حيث إنشاء روابط، وطلب المقابلة، وطلب النصيحة.”
استمرت أنشطة “موزا الهاجري” خلال القمة دون توقف. وفي وقت لاحق من الأسبوع، شاركت في مناظرة شبابية استضافتها جمعية مناظرات قطر، وانضمت إلى صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر في اجتماع مع صاحب الجلالة ملك بلجيكا في المدينة التعليمية، حيث قدمت له الطلاب وشاركت تقدمها، مهما كانت المشكلة كبيرة.”قصتها الخاصة. ومن خلال كل ذلك، حملت رسالة جوهرية تعبر عن هوية جامعة جورجتاون في قطر، وتقول:”لطالما اعتقدت دائما أن لديك مساهمة



تجربة موزا الهاجري مثال حي على معنى دراسة الشؤون الدولية في بلد معروف بالقيام بأدوار الوساطة واللقاءات بين الشمال والجنوب العالمي. هنا تلتقي النظرية بالتطبيق والعمل—حيث لا يتعلم الكيان الطلابي المتنوع الدبلوماسية فقط؛ بل يمارسونها أيضا .