باحثة زائرة تشرح لغة الثورة في محاضرة عامة بضيافة جورجتاون

Dr. Laurie Brand

استضافت جامعة جورجتاون في قطر مؤخراً الدكتورة لوري براند، بروفيسورة العلاقات الدولية ودراسات الشرق الأوسط بجامعة جنوب كاليفورنيا، في محاضرة عامة بعنوان “سياسات الروايات الوطنية: تطور “الثورة” في مصر”، وذلك في إطار سلسلة المحاضرات الشهرية التي ينظمها مركز الدراسات الدولية والإقليمية في الجامعة. وتناولت المحاضرة سياسة بناء القصص أو الروايات الوطنية التي تطبقها قيادات الدول لتوظيفها لأغراض سياسية، مع التركيز على فكرة الثورة في التاريخ المصري كدراسة حالة.

وتوضيحاً للسياق المعاصر لدراستها، قالت الدكتورة براند: “الثورة هي الرواية الأساسية في الحالة المصرية. وقد يبدو أن مفهوم الثورة لم يكن يتم التطرق إليه سوى أكاديمياً فقط حتى العام 2011، إلا أن التطورات التي شهدتها البلاد منذ ذلك العام تجعلنا ندرك أهمية أن نسعى لفهم ما تعنيه فكرة الثورة، وكيفية تطور هذه الفكرة، انطلاقاً من أهمية أن نفهم الصراعات السياسية على الأرض”.

وبالاعتماد على فصول من كتابها الذي نشر مؤخراً بعنوان “قصص رسمية: السياسة والروايات الوطنية في مصر والجزائر” (مطبعة جامعة ستانفورد، 2014)، تحدثت الدكتورة براند عن كيفية نشوء وتشكّل مصطلح “الثورة” وإعادة تشكّله على مر الزمن في مصر، مع التركيز على بعض “المنعطفات الرئيسية” أو الأزمات التي حدثت خلال العقود السابقة، بدءاً من ثورة عرابي في الفترة 1879-1882 والتي سعت إلى إنهاء النفوذ البريطاني والفرنسي في البلاد. وأوردت الدكتورة براند أمثلة أخرى عن قصص تولي الحكم من قبل الرؤساء جمال عبد الناصر، أنور السادات، حسني مبارك، المجلس الأعلى للقوات المسلحة، محمد مرسي، وأخيرا الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، مسلطة الضوء على الأسلوب الذي اتبعه كل زعيم منهم لإعادة صياغة الرواية الوطنية، وسمات الفترات التي حكموا خلالها، والقيم الثقافية والاجتماعية والسياسية لكل فترة.

وأوضحت الدكتورة براند كيفية ارتباط هذه الجهود بالحاجة إلى بناء أو إعادة بناء شرعية القيادة، مشيرة إلى أنواع الأزمات أو التحديات التي من المحتمل أن تشكل حافزاً لمحاولات إعادة بناء أو إعادة تفسير معنى “الثورة” ضمن سياق الرواية الوطنية.

وعرّفت الدكتورة براند مصطلح “الرواية الوطنية” بأنها “القصة التي ترويها جماعة وطنية عن نفسها”، وحددت المصادر التي استعانت بها في دراستها، بما في ذلك محتوى جرى تجميعه من الدساتير، لا سيما مقدماتها التي بحسب الدكتورة براند: “غالباً ما تقول شيئاً عن التاريخ الوطني، أو تصف ’من نحن‘ كشعب”. كما قامت أيضاً بدراسة الخطابات التي ألقاها الزعماء أمام شعوبهم في مناسبات مهمة، وكذلك المتاحف، والصور على الطوابع والعملات الوطنية، والأغاني الوطنية، وعلى نحو خاص، الكتب المدرسية.

وقال الدكتور مهران كامرافا، مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية: “لقد بذلت الدكتورة لوري براند جهداً كبيراً لدراسة الروايات الوطنية وهذه مهمة معقدة ومتعددة الأوجه، وقد أوردت الدكتورة براند في هذه المحاضرة الوجيزة العديد من الأمثلة المقنعة التي توضح العلاقة بين اللغة والسلطة السياسية، ولا شك أن المحاضرة حققت فائدة كبيرة لطلاب الشؤون الدولية في جورجتاون، وكافة الحاضرين من الجامعة وخارجها”.

وفي ختام المحاضرة، أكدت الدكتورة براند مجدداً على أن كيفية تعريف الثورة، ومن يعرفها، وما هو مضمونها، لا يقتصر على الدراسات الأكاديمية فحسب، بل هي “معارك حقيقية تشكل جزءاً من نضالات مستمرة اليوم في مصر وجميع أنحاء الشرق الأوسط حول مستقبل الأنظمة السياسية في المنطقة”.

يذكر أن الدكتورة لوري براند تتولى إدارة برنامج دراسات الشرق الأوسط في جامعة جنوب كاليفورنيا، وقد شاركت لأربع مرات في برنامج فولبرايت للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعملت كباحثة في مؤسسة كارنيجي من 2008 إلى 2010، وكانت زميلة مقيمة لمؤسسة روكفلر بيلاجيو في خريف 2012، وهي أيضاً مؤلفة كتب “الفلسطينيين في العالم العربي” (مطبعة جامعة كولومبيا، 1988) و”العلاقات العربية للأردن” (مطبعة جامعة كولومبيا، 1994)، و”المرأة والدولة والتحرر السياسي” (مطبعة جامعة كولومبيا، 1998)، و”المواطنين في الخارج: الدول والهجرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” (مطبعة جامعة كامبريدج، 2006).