خمسة دروس مهمة حول السعي لتحقيق عدالة الطاقة من مؤتمر “إنهاء استعمار الطاقة”

_21A9067

ضمن سلسلة مؤتمرات “حوارت” جاءت النسخة الحادية عشرة بجامعة جورجتاون في قطر بعنوان  “إنهاء استعمار الطاقة: ماضي وحاضر ومستقبل عدالة الطاقة”، حيث قدم الباحثون والمبدعون رؤى عميقة حول مفهوم ومستقبل عدالة الطاقة. وقد وصفت الدكتورة تريش كاهلي، المنظمة الرئيسية للمؤتمر، عطلة نهاية الأسبوع على أنها نقد ودعوة، فقالت: “هناك حاجة مزدوجة للعمل لإنهاء عنف الطاقة الاستعماري جنبا إلى جنب مع إعادة تصور أنظمة الطاقة التي لا تستند إلى الاستغلال والاستخراج والسرقة. ندعوك لتتخيل معنا عوالم وعلوم إنسانية تتجاوز الاستخراجية “.

فيما يلي أبرز خمس نقاط تناولتها الندوة:

1.     لا تزال الموروثات الاستعمارية تشكل أنظمة الطاقة العالمية حتى اليوم. افتتح العميد صفوان المصري النقاش بالتذكير بمدى عمق التسلسلات الهرمية الاستعمارية: “لعقود من الزمان، تم تصدير نماذج التنمية المفترسة بالجملة إلى دول الجنوب العالمي، مما خلق سردا للتقدم يغفل أولئك الذين يدفعون ثمن باهظا لمنتجات هذه التنمية”. وقد تتبع المتحدثون هذه الأنماط من خلال دراسات الحالة المعاصرة. أوضحت الدكتورة “هانا أبيل” من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس ذلك من خلال تقاطع الفصل العنصري في نموذج “جيم كرو” مع الاستعمار الأمريكي على سفن البحرية الامريكية، وقالت : “اليوم، يمثل الرجال الفلبينيون واحدا من كل ثلاثة عمال في البحر ليظهر كيف أن أسواق العمل في صناعة النفط والغاز العابرة للحدود لاتزال عالقة تماما في التاريخ الاستعماري “.

العميد صفوان المصري

الدكتورة “هانا أبيل”

.2.  القصص التي نرويها عن الطاقة معيبة.
وصفت الدكتورة “جينيفر وينزل” من جامعة كولومبيا الأمريكية كيف تكرر الأنظمة الاستخراجية لمصادر الطاقة نفسها عبر الدول، جنبا إلى جنب مع الروايات الكاذبة التي ترويها عن التقدم، فقالت: “عندما نفكر في تحول الطاقة، فإنه غالبا ما يكون بديلا للوقود – لكنه ليس بديلا، إنه انتشار للسادة أصحاب المصالح والوقود على اختلاف أنواعه.” بينما ذهب الدكتورة ألاء شهابي من كلية لندن الجامعية إلى أبعد من ذلك بقوله: “نحن نرفض فكرة انتقال الطاقة في المقام الأول – إنه توسع في استخدام الطاقة فقط لاغير”.

الدكتورة “جينيفر وينزل”

الدكتورة ألاء شهابي

3. الرؤية البشرية والبيئية – والاختفاء – عوامل سياسية.
يعتمد نظام الطاقة العالمي على ما هو مخفي بقدر ما يعتمد على ماهو ظاهر و مرئي، وأشارت الدكتورة وينزل إلى أن “ما تراه عيناك يعتمد على موقعك أو مكانك. بالنسبة لأولئك الموجودين في مواقع الاستخلاص والاستخراج، فهو شديد الوضوح.” وأضافت الدكتورة أبيل أن “جعل الأشياء غير مرئية هو مشروع سياسي”. وشرحت بالتفصيل كيف تم إبراز التكاليف البشرية والبيئية للنفط في نيجيريا “بفضل اهتمام الشعراء والفنانين إلى حد كبير”، ووصفت كيف اختارت شركات النفط في غينيا الاستوائية التنقيب في البحر من أجل جعل أنشطتها أقل وضوحا وأقل عرضة للانتقاد.

4. إنهاء استعمار الطاقة يتطلب أدوات ووجهات نظر جديدة.
دعا المتحدثون إلى طرق بحث متعددة التخصصات وأساليب تشاركية. أكدت الدكتورة إليزابيث ديلوغري من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس على قلب الروايات السائدة من خلال سرد القصص والأحداث الواقعية، وحثت على مزيد من المشاركة في أدب وشعر الجنوب العالمي الذي “يروي قصة مختلفة”.

الدكتورة غوكجي غونيل

ومن الأمثلة على منهجيات البحث الفعالة قدمت الدكتورة “دانا أبي غانم” من مجموعة أبحاث إيبلا ومبادرة الإصلاح العربية، والدكتورة مزنة المصري مشروعا لبناء المجتمع التشاركي التابع لكلية لندن الجامعية في بيروت، والذي وظف السكان لتحديد أوجه عدم المساواة في الطاقة في الموقع. وتحدث المشارك في المشروع مصطفى سويد عن المنهجية، قائلا: “هناك مسافة أقل بين الباحث وما يتم بحثه، والتقارب هنا ضروري لأنهم يركزون على أصوات المشاركين”.

الدكتورة مزنة المصري

الدكتورة “دانا أبي غانم”

لخصت الدكتورة آلاء شهابي نهجها الإنساني في البحث والدراسة لشركات النفط في البحرين: “من خلال عكس أسئلتك البحثية من الناحية الأنطولوجية بالتركيز على الإنسان، فإنك تعيد تمحور المقياس البحثي”.

5.  تتطلب عدالة الطاقة التركيز على إنسانيتنا.
تحدى الفنان الكاميروني “باسكال مارثين تايو”، الذي يستخدم المخلفات التي تم العثور عليها في تشكيل قطعه الفنية، كلا من الهياكل الجيوسياسية والرضا الشخصي خلال كلمته الرئيسية، حيث قال: “أنا لا أعيد تدوير الأشياء، بل أنا أعيد تدوير العقلية، لأن مسؤولية التغيير تقع على عاتقنا “. وحث مواطني دول الجنوب العالمي على المطالبة بإرادتهم الحرة: “أنتم من الجنوب، الذين تستهلكون أشياء من الشمال، انتم بحاجة إلى إيجاد طريقة لاستخدام لغتكم وصوتكم لوضع حد لهذا”.

وشارك في الجلسة الأخيرة للمؤتمر كاميلا شمسي، الكاتبة المقيمة في جامعة جورجتاون في قطر، في محادثة مع الكاتبة الحائزة على جوائز “إيمبولو مبوي”. أشارت الدكتورة فيكتوريا جوغاسيان، المنظمة المشاركة للمؤتمر، إلى أن رواية الروائية “إيمبولو مبوي” “كم كنا جميلين” قدمت مصدر إلهام مبكر للمؤتمر، لأنها “تلفت انتباه العين المقلقة والإنسان الذي يعتريه التوتر إلى الطريقة التي يتمادى بها الالتزام الاستعماري باستخراج النفط عبر الأجيال، ويربط أجيال الماضي بالمستقبل”.  

باسكال مارثين تايو

الروائية “إيمبولو مبوي”

في كلماتها، قالت مبوي: “لقد نشأت في ليمبي، في الكاميرون، التي كان بها مصفاة النفط الوحيدة في البلاد”. وعلى الرغم من المظالم التي شهدتها، إلا أنها أكدت كيف يعزز التعاطف من إمكانية التفاهم. واضافت: “كان علي أن أنفصل عن غضبي وأرسم كلا الجانبين بنفس التعقيد”. وهي تأمل أن تلهم روايتها العمل لدى شباب اليوم “الذين يظهرون مؤشرات مشجعة على كونهم أكثر شجاعة ووعيا” من جيلها. وقالت: “كان دوري هو سرد القصة فقط، وربما سيواصل الشخص التالي الذي سيأتي بعدي تلك المهمة”.

في ختام المؤتمر، قدم الدكتور فرات أوروتش رؤية إرشادية تتجاوز السياسة أو المناصرة لأولئك الذين يسعون إلى المضي قدما في تحقيق عدالة الطاقة، فقال: “إنهاء الاستعمار النشط ليس مجرد مشروع سياسي. إنه يتطلب منا تنمية طرق أخرى للوجود في العالم – للتحول من الاستخراج إلى العلاقة، ومن الحيازة إلى المشاركة، ومن الهيمنة إلى المعاملة بالمثل “.

الدكتور فرات أوروتش