مسرحية كلاسيكية يونانية بنكهة عربية في جامعة جورجتاون قطر

مسرحية كلاسيكية يونانية بنكهة عربية في جامعة جورجتاون قطر

قام فريق من طلبة جورجتاون قطر مؤخراً بإعادة إحياء مسرحية “أنتيجون”، إحدى أشهر المسرحيات الكلاسيكية اليونانية، على خشبة قاعة المحاضرات في الجامعة بحضور 150 من الأساتذة والموظفين والطلبة وعائلاتهم، وهي المسرحية الأولى التي يقدمها الفريق الطلابي المشكل حديثاً تحت مسمى “مجموعة المسرح”.

وقد استوحيت فكرة المسرحية والمجموعة من قبل طلبة جورجتاون قطر بدعم من أساتذة الجامعة والموظفين الذين أشرفوا على إعداد وإكمال العناصر اللوجستية الخاصة بإنتاج أول عمل مسرحي للمجموعة. وكانت ليان ملوهي، طالبة السنة الثانية في قسم السياسة والثقافة في جورجتاون قطر، قد بدأت العمل في يناير الماضي على تعديل النسخة التي أعدها الكاتب المسرحي الألماني برتولت بريشت من النص الأصلي الذي قام بتأليفه المسرحي الإغريقي سوفوكليس، وذلك لجعل المسرحية مناسبة أكثر لمنطقة الشرق الأوسط. وعندما اكتمل إعداد النص المسرحي، فُتح المجال أمام الطلبة لإجراء تجارب الأداء، إذ شارك في التجارب 20 طالباً وطالبة لاختيار الأفضل من بينهم لأداء 13 دوراً في المسرحية. كما تم إطلاق حملة عبر البريد الإلكتروني لتشجيع الطلاب على المشاركة في تجارب الأداء خاصة وأن عدد الطالبات تجاوز عدد الطلاب. وفي النهاية، تم إجراء تعديلات على نص دور واحد ليكون مناسباً للطالبات. وقد اختيرت الطالبة حصة النعيمي لأداء دور البطلة “أنتيجون”، بينما لعب وليد حشيشو دور الملك “كريون” عم أنتيجون وحاكم مدينة ثيفا اليونانية التي تجري فيها أحداث المسرحية.

وقالت حصة النعيمي المشاركة في دور أنتيجون في المسرحية: “تنافس على تجارب أداء دور أنتيجون خمس طالبات، وتمت دعوتي لأداء تجارب الاختبار مرة ثانية قبل أن أفوز بالدور أخيراً. إنها أول تجربة لي في الأداء المسرحي، وقد كنت دائماً أتطلع إلى التخصص في المسرح. وعندما علمت بأن أنتيجون هي المسرحية المختارة، قرأت القصة وقمت ببعض الأبحاث عنها وأحببتها فعلاً”.

وكانت حصة، التي استقت حبها للمسرح من والدها، قد أُعجبت بالطريقة التي تمت من خلالها مواءمة قصة المسرحية للجمهور الحالي خاصة وأن المسرحية تم تأليفها منذ آلاف السنين. وقالت حصة في هذا الصدد: “تشير شخصية أنتيجون التي أقوم بأدائها إلى قضايا أرى أنها تمثل تحديات هامة في المجتمع العربي مثل الثراء والتبذير وانحدار الأخلاق. وواجبنا في عالمنا العربي أن نركز أكثر على الأخلاق الحميدة والإنتاجية عوضاً عن الاستمرار في الاستهلاك والتبذير”.

وأشارت حصة، التي تدرس في قسم الثقافة والسياسة في الجامعة، إلى تركيز المسرحية على الدور المتغير للمرأة كما تراها عيون جمهورنا الحالي، إذ قالت: “لقد أضفت شخصية أنتيجون في إحدى مشاهد المونولوج في المسرحية وصفاً قاسياً على نفسها بأنها امرأة غير متزوجة، وأعتقد بأن الكثير ممن حضر المسرحية كانوا يتفهمون بطريقة أو بأخرى شعور أنتيجون هذا”.

بدورها، عملت صالحة خان، مسؤول شؤون تطوير الطلاب في جامعة جورجتاون قطر، على توفير الدعم المتواصل لمجموعة المسرح الجديدة وذلك لضمان أن تجري كل العمليات كما يجب، بدءاً من تطوير النص المسرحي إلى اختبارات الأداء وصولاً إلى اليوم الذي تُعرض فيه المسرحية. وقد أثنى د. غيرد نونمان، عميد جامعة جورجتاون في قطر، على الموظفين والطلبة المشاركين في إنتاج المسرحية، وقال: “إن مناهجنا الدراسية تتطلب وقتاً والتزاماً كبيرين، وأنا فخور جداً برؤية أولئك الطلبة وهم يؤدون مثل هذه المسرحية الكلاسيكية الصعبة بشكل احترافي على خشبة المسرح في الوقت الذي يلتزمون فيه أيضاً بواجباتهم الأكاديمية. لقد شكل المسرح منذ زمن طويل منصة حيوية لمناقشة أفكار وقضايا هامة تمس الحضارة الإنسانية. وإن الطريقة التي عدّل بها الطلبة مسرحية أنتيجون اليونانية لتكون أكثر ملاءمة للثقافة العربية قد مكّنت أولئك الممثلين الشباب من مناقشة القضايا التي يواجهونها في حياتهم اليومية. وفي حين يتعلم طلبتنا في جامعة جورجتاون قطر داخل الصفوف الدراسية وخارجها أيضاً من خلال الرحلات الخدمية إلى بلاد أخرى أو عبر النوادي والمنظمات الموجودة في قطر، فإن الجهود التي بذلتها مجموعة المسرح هي مثال رائع عن ربط القصص والمسرحيات الكلاسيكية بواقعنا الحاضر وبالثقافة العربية”.

يذكر أن قصة المسرحية تركز على العوامل الاجتماعية والقانونية والروحية في مملكة ثيفا اليونانية التي مزقتها الحروب. كما تتحدث عن أنتيجون ابنة أوديب التي اصطدمت مع عمها الملك كريون الذي يعاقبها لأفعالها قبل أن يعفو عنها. وتتضمن بعض المواضيع الرئيسية في المسرحية تصميم أنتيجون والتزامها بتحقيق العدالة، والصراع بين القوانين السماوية والدنيوية، ودور المرأة في المجتمع. وقد قامت مجموعة المسرح بعرض المسرحية مرة واحدة، وقد يعقبها عروض أخرى في المستقبل.