مؤتمر “تجاوز الصدوع الطائفية في أعقاب الثورات العربية”

Attendees During the Conference

انعقد على مدى يومين مؤتمر بعنوان “تجاوز الصدوع الطائفية في أعقاب الثورات العربية”، بتنظيم من جامعة جورجتاون – قطر، وشارك في استضافته برنامج الدراسات الخليجية في جامعة قطر، حيث شهد مشاركة كوكبة من المتحدثين الذين سبروا الجوانب المتعددة لمسألة بروز وتنامي التوجهات الطائفية في العالم العربي. وقد شارك عدد من العلماء والخبراء من المملكة العربية السعودية والبحرين ومصر وقطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة وسويسرا والولايات المتحدة ولبنان وتركيا في المؤتمر الذي استمر يومين، والذي يعد ثمرة لمنحة CWSP2-W -0414-14046 الممنوحة لكلية الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون قطر من قبل الصندوق القطري للبحث العلمي.

ألقى الكلمات الافتتاحية للمؤتمر الدكتور حميد عبد الله المدفع، نائب رئيس جامعة قطر، والدكتور مارك فرحة، الأستاذ المساعد في جامعة جورجتاون – قطر ومنظم الحدث. وأعقب ذلك طرح للأفكار والرؤى حول مسألة الطائفية باللغة العربية من قبل الدبلوماسيين المخضرمين سعادة مارتن أيشباخر، السفير السويسري في قطر، وسعادة عبد الله بن حمد العطية، نائب رئيس الوزراء الأسبق لدولة قطر والرئيس الحالي لهيئة الرقابة الإدارية والشفافية في قطر.

وقال الدكتور فرحة: “برزت المشاعر الطائفية في المنطقة إلى الواجهة بقوة لم يسبق لها مثيل في أعقاب الربيع العربي. سواء كان ذلك بين الشيعة والسنة، أو بين المسلم وغير المسلم، أو حتى داخل المذهب نفسه، ويتوجب علينا فهم الأصول التي نشأت عنها هذه الانقسامات المتصلبة والمتزايدة، ومواجهة هذه المفاهيم المغلوطة، واستكشاف الحلول غير العنفية على كافة الأصعدة. وهذا ما سعت ورشة العمل هذه لتحقيقه في سياق جهد جماعي نادر وعابر للجامعات والدول.”

وقد طرح المشاركون مقاربات جديدة بغية فهم وإدراك تنامي الطائفية في المنطقة، آخذين بالاعتبار العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والدينية. وشملت بعض الأسئلة المطروحة خلال المؤتمر: ما هي الأصول التاريخية للطائفية في المنطقة، وكيف لنا أن نقدّر بشكل صائب ثقل كل من القوى الأصيلة والدخيلة التي أسهمت في تشكيلها (أو إعادة تشكيلها)؟ هل تشكل الاختلافات العقائدية والثقافية السبب الرئيسي للصراع في الدول العربية بعد الثورة، أم أنها نتيجة له؟ هل تمثل الطائفية غريزة متجذرة عميقاً وموروثة من الماضي، أم أنها بدعة، تتلاعب بها قوى محلية ودولية سعياً وراء السلطة في أزمنة الاضطرابات السياسية والفوضى؟

وأضاف الدكتور فرحة: “تتسم الأسئلة التي بحثناها في هذا المؤتمر بأن لها آثاراً مباشرة على السياسة الخارجية الإقليمية. ولا بد لنا من محاولة وضع استراتيجيات أكثر مرونة للتغلب على الاستقطاب الطائفي والتطرف الديني، وكذلك للبحث عن سياسات جديدة ووقائية، من شأنها بناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.”وبعد إجراء سلسلة من المناقشات الحيوية بين عدد من المؤرخين والسياسيين، خلص المؤتمر إلى تجربة إحدى المنظمات غير الحكومية (شباب من أجل التسامح)، ومقرها في لبنان، والتي تسعى لتعزيز التسامح ورفع مستوى الوعي لدى الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 إلى 23 عاماً. وتتراوح أنشطة المنظمة بين الفصول الدرسية، ومعسكرات التدريب وأنشطة تبادل الطلاب، والمسابقات، وصحافة المواطن والألعاب عبر الإنترنت. وقد أوضح إيلي عواد، خريج معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، التحديات والنجاحات التي حققتها المنظمة غير الحكومية ضمن عرض تقديمي بعنوان “التغلب على الطائفية من خلال التدريب والأنشطة للشباب اللبناني: الدروس المستفادة”.

وقال السيد عواد: “تبقى الحقيقة أن الشباب في مجتمعاتنا غير مدربين أو مستعدين للتعاطي مع التنوع الديني والسياسي بشكل صحيح. على العكس من ذلك، فإن لديهم معتقدات عميقة الجذور بأن على “الآخر” أن يتغير، أو ما هو أسوأ من ذلك، أن يزول. ومن خلال أنشطتنا المختلفة، نحاول بوصفنا نشطاء في المجتمع المدني، نشر مفاهيم التسامح، وأن الصراعات لا تكون أحادية الجانب قط، وبأن الحياة لا تحتوي اللونين الأبيض والأسود فحسب، بل تضم كافة ألوان الطيف. وفي لبنان، الذي يتسم بتنوع ثقافي شديد، وغالباً ما يكون في قلب العاصفة أو يكاد، يكتسي هذا الدرس أهمية خاصة.”

تم تنظيم المؤتمر من قبل الدكتور مارك فرحة بتعاون وثيق مع لينا ظاهر، خريجة جامعة جورجتاون – قطر، التي تخرجت مع مرتبة الشرف ونالت شهادة البكالوريوس في السياسة الدولية عام 2014. وهي تعمل حالياً مع الدكتور فرحة كباحثة مشاركة على منحة 6-028-5-006 من الصندوق القطري للبحث العلمي حول “الانقسامات الطائفية الناشئة في أعقاب الثورات العربية”. ويتم جمع الأوراق المقدمة وتحريرها ضمن كتاب حول الطائفية، ينشر عام 2015.

ومن بين المساهمين في المؤتمر:الأستاذ إبراهيم وردة، جامعة تافتس، والأستاذ توبياس ماتيسن، جامعة كامبردج، والدكتور أنور عشقي، معهد الشرق الأوسط للدراسات القانونية والاستراتيجية، جدة، والأستاذ عماد سلامة، الجامعة الأميركية اللبنانية، والأستاذ سامر قرنشاوي، كلية قطر للدراسات الإسلامية، والأستاذ بيرول باسكان، جامعة جورجتاون – قطر، والدكتور يحيى الحكيم، منظمة الشفافية الدولية، وفاطمة علي، جامعة قطر، والأستاذ شهرام أكبرزاده، جامعة ديكين، وحسن منيمنة، صندوق مارشال الألماني، والأستاذ لوتشيانو زاكارا، جامعة قطر، والأستاذ خالد الحروب، جامعة كارنيجي ميلون في قطر، والدكتور عبد الرحمن عزام، مكتب سمو الشيخة موزة.