“أنا لا أرتدي ربطات عنق; آمل ألا تشعروا بخيبة أمل”: رئيس وزراء ألبانيا يبهر طلاب جامعة جورجتاون بنصائح غير متوقعة ودعوة لجلب مزيد من الألبان في جورجتاون
في حوار متنوع القضايا وخارج عن النص على نحو ممتع وغير تقليدي في ضيافة جامعة جورجتاون في قطر مزج رئيس وزراء ألبانيا سعادة إدي راما بين الفكاهة والإرشاد العملي وغير التقليدي للجيل القادم من طلاب الشؤون الدولية. أدار الحديث الذي دار بعنوان ” فن الحوكمة: الابتكار الاستراتيجي الألباني في السياسة العالمية“ البروفيسور رقية أبو شرف وقدمت الضيف خريجة جامعة جورجتاون في قطر الألبانية، جيتا كريكا (دفعة 2023).

بدأت جيتا التقديم بقولها: ” شكلت الدراسة هنا، في الدوحة — كمركز عالمي للدبلوماسية والوساطة والتفاوض الجيوسياسي— الطريقة التي فهمت بها السياسة. لقد علمتني كيف تتعامل الدول الصغيرة في اللقاءات الكبيرة، وكيف تصبح الهوية شكلا من أشكال القوة الناعمة، وكيف يمكن للسرد أن يكون مهما بقدر أهمية الاستراتيجية، وألبانيا شكلت هذا التعلم في شخصيتي بنفس القدر، من خلال الطريقة التي أعادت بها بلدي اختراع نفسها، وناقشت قضاياها، ونجت بنفسها، وأعادت بناء نفسها، لتمنحني عينا خاصة جدا أرى من خلالها الدبلوماسية: لا شيء محدد بوضوح، ولا شيء مضمون، وأحيانا يؤثر أقل الفاعلين نفوذا ملامح القصة بشكل غير متوقع.”
لفتت مقدمة جيتا البليغة انتباه رئيس الوزراء الألباني الذي قال: “أنا فخور جدا بأنني قدمتني طالبة ألبانية متألقة، ثم قال موجها حديثه إلى د. صفوان مصري، عميد جامعة جورجتاون في قطر، الجالس في الصف الأمامي. “آمل أن تكون ذكية وعظيمة بما يكفي لتلهمك لجلب المزيد من الطلاب الألبان إلى هنا.”

منذ البداية، أطلق راما العنان لروح الدعابة، مازحا بأنه يأمل ألا يشعر الطلاب بخيبة أمل لأنه لم يرتد ربطة عنق، قال: “هذا أحد الأسباب التي تجعلني أشعر بالارتياح البالغ عندما أتي إلى هذه المنطقة من العالم، لأنني لا أحتاج لشرح سبب عدم ارتداء ربطة العنق،” مشيرا إلى اعتياد ارتداء الملابس التقليدية المحلية.
ما تلا ذلك كان جزءا من درس أساسي في القيادة السياسية، وجزءا من السيرة الذاتية الفنية، ونصيحة حياتية غير متوقعة.
كان معالي رئيس وزراء البانيا أدي راما رساما راسخا معروفا ذائع الصيت له معارض حول العالم، وتتبع كيف شكل الفن رؤيته للعالم قبل السياسة بوقت طويل، وعن هذا يقول: “لطالما أردت أن أكون فنانا. لم أتخيل يوما أنني سأصبح شيئا آخر،” قال. في ظل النظام السابق في ألبانيا، تذكر أنه “كنت ستذهب إلى السجن إذا كنت تملك كتبا عن بابلو بيكاسو”، وحتى امتلاك قرآن أو إنجيل كان يعتبر “سلاحا بدون إذن”. أصبح الفن بوابته لاستشراف “التساؤل عن حدود الحرية”، والتي في النهاية “دفعتني للقتال من أجل حريتي الخاصة.”


حتى كرئيس للوزراء، يواصل أدي راما الرسم غالبا خلال اجتماعات مجلس الوزراء. وصف مكتبا مغطى بأدوات فنية يرسم بها بينما يقدم الوزراء تحديثات مهمة. أثرت صراحته في الجمهور، الذي يحمل الكثير منهم حبا للفن والسياسة معا. “عندما أصبحت وزيرا الثقافة… كان علي الذهاب إلى اجتماعات الحكومة، وكان الأمر أشبه بتعذيب أسبوعي،” اعترف. لكن الرسم قدم له منفذا حسن تركيزه: “عندما تتبع عيناك اليد واليد ترسم… بينما أذنك مركزة تماما مع الحوار”
انفجرت الغرفة بالضحك عندما روى اكتشافه أن زميلا له أنقذ سرا عشرات من خربشاته المبكرة. “مع تزايد قيمة الرسومات… أستطيع أن أخبرك أنه سيكون شخصا غنيا.”
ورغم المزاح، غالبا ما عادت المحادثة إلى الحكم ونهج رئيس الوزراء الفنان غير التقليدي تجاه تحول ألبانيا. يقول إنه في بدايات توليه منصب عمدة تيرانا، ساعد قراره بطلاء مبان كاملة في استعادة الفخر المدني والعمراني—وتشجيع الامتثال الضريبي. لكنه كان سريعا في تذكير الجمهور بضرورة عدم تعميم قصته: كان العديد من الطغاة المشهورين أيضا رسامين. كانت هذه النصيحة سمة من أسلوبه: في آن واحد ساخرة من الذات وحكيمة في التنبيه للمخاطر.
وصف رئيس الوزراء الالباني كيف أصبح ترشيح بلاده للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ممكنا من خلال التفكير المبتكر في كيفية تحقيق التحول الرقمي: “ألبانيا تتجاوز المستوى المتوسط لدول الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالخدمات الرقمية، ليس لأننا أذكى أو أكثر تطورا منهم، بل لأننا نأتي من الخلف ونقفز بخطوات واسعة للأمام.” ومع ذلك، ورغم سعيه للقبول في أوروبا، فإن منطقة الخليج هي مصدر الإلهام له، فقال: “إذا أردت أن تعرف كيف يمكن لجيل جديد من القادة أن يغير التاريخ والاتجاه والطريقة التي تنظر بها البلاد إلى نفسها، والطريقة التي ينظر بها الآخرون إلى البلاد، عليك زيارة قطر، السعودية والإمارات، هذا أمر لا يصدق حقا،”.
بأسلوب مميز، اختتم سعادة رئيس وزراء البانيا حديثه بتحد ودعوة في آن واحد: أن يشكك المرء باستمرار في الوضع الراهن، وأن يبقى متجذرا في الفردية والإبداع مهما ارتقى وتقدم.