الخيط الداخلي للإيمان: كيف يجعل أحد أساتذة جورجتاون التقارب الديني منطقيا في وقت الأعياد السنوية
مع اقتراب موسم أعياد الميلاد، يبرز مصدر جديد يساعد في تسليط الضوء على أسباب أهمية الدين في عالمنا اليوم، وهو من أستاذ العقائد والدراسات الدينية في جامعة جورجتاون في قطر، الدكتور باتريك لوديه.
في كتابه الجديد ” الغموض الداخلي والتعمق في الابعاد الدينية والروحانية للذات البشرية – دراسة مقارنة ” (سبرينغر 2025)، يتناول الدكتور لاوديه ما يعتبره الكثيرون لغزا قديما يلفه الغموض — سواء كان “الإبهام” أو الأبعاد الداخلية للدين التي تمكن الإنسان من فهمه بشكل واضح ومنطقي عبر عصور من التقاليد المتوارثة — ويقدم الربروفيسور لوديه من خلال كتابه الجديد واحدة من أكثر الإجابات شمولا حتى الآن. وبذلك، يدفع الدكتور لاود بأن التقاليد الداخلية تساهم في تناول ومعالجة التوترات المعاصرة المتعلقة بكيفية معايشة الناس وممارساتهم الإيمانية اليوم، فيقول: “الوعي الديني ممزق بين سرديات متعددة، تتفاوت بين العودة إلى ‘الأصول والقواعد’ وحتى الدعوات لممارسات أقل تقييدا، أكثر تبسيطا للروحانيات برؤية معاصرة”، وينبه البروفيسور إلى أن تحديد الأبعاد الداخلية للدين يوفر سبلا للإبقاء على هذه التناقضات متعايشة معا.
يركز كتاب لوديه بشكل رئيسي على عقائد البوذية والمسيحية والهندوسية والإسلام، ويقترح طريقة واحدة متماسكة للتفكير في المعرفة الروحية ليس كشيء هامشي أو غامض، بل كتوجه إنساني متكرر الحدوث وضارب بجذوره في الحياة الدينية، حيث يقول: “هناك الكثير من الالتباس حول معنى مصطلح ” العمق الغامض”، مضيفا: “غالبا ما يتم تجاهله باعتباره غامضا أو خياليا أو يقتصر على صفوة راقية روحانيا، وقد سعيت لتجاوز هذه الصور النمطية.” استنادا إلى أربعة عقود من البحث الجاد والملهم في تقاطعات الأديان والنطر فيما هو مشترك بينها”، شرع الدكتور لوديه في اختبار ما إذا كان يمكن تعريف المفهوم بدقة وتطبيقه عبر العديد من التقاليد.
وقد عكف على أنشاء إطار مقارن يحدد مدى واسع من التنوع الكبير والتماسك المثير للدهشة بين الأديان، حيث يقول: “حجتي الرئيسية هي أن العمق الداخلي الغامض يمكن تحديده كاتجاه رئيسي في السعي البشري لتوصيف القيمة الدينية والإشباع الروحي،” حيث يتأمل كتابه ستة مبادئ رئيسية موحدة قد تعطي بعض التوجيه والإرشاد خلال عصر الارتباك هذا، بما في ذلك استحضار الأفكار القائلة بأن الإنسان يمكنه استعادة الكمال من خلال الوصول المباشر إلى مصدر الإلهام الديني، وأن الواقع واحد، وأن هذه الوحدة هي جوهر جزء متأصل في طبيعة البشرية ذاتها، وأن الوجود التجريبي والنهائي يحملان حقائق مميزة، لكنها ليست متناقضة.
وبذلك، يرى الدكتور لوديه أن التقاليد الداخلية العميقة تساعد في معالجة التوترات المعاصرة في كيفية تذوق الناس للإيمان اليوم. ومع اقتراب نهاية العام وتعمق حالة التأمل، تدعو أعمال لوديه القراء لإعادة النظر في الأبعاد الداخلية للإيمان — ليس كفضوليات خفية، بل كمسارات دائمة تسعى نحو المعنى والكمال.