طلاب جامعة جورجتاون بفرعيها في واشنطن والدوحة يتشاركان الأبحاث الميدانية متعددة التخصصات في الهند

اجتمع مؤخرًا عشرة طلاب من جامعة جورجتاون من الحرم الرئيسي في الولايات المتحدة الأمريكية والحرم الجامعي في قطر، اجتمعوا في الهند لخوض تجربة بحثية مثيرة كجزء من منهج دراسي متعددة التخصصات بعنوان “ندوة أبحاث المحيط الهندي”. تستكشف هذه الدورات، التي تُدرّس في وقت واحد عبر القارات، وتستمر على مدار فترتين دراسيتين، الديناميكيات الثقافية والتاريخية والاجتماعية لعالم المحيط الهندي من خلال رؤى وعدسات التاريخ والأدب والأنثروبولوجيا معًا.

صورة جماعية للطلاب

نقاش على أنقاض دير أوغسطينيان، غوا القديمة، صورة التقطتها أنانيا شاه
وقد عزز الطلاب المسجلون في الفصول المقدمة بشكل مشترك تعلمهم من خلال قضاء أسبوع في مواقع ميدانية بكل من “غوا” و”كيرالا”. وقد زاروا برفقة أساتذتهم مواقع ذات أهمية دينية وثقافية وتاريخية. يذكر أنه بالنسبة للعديد من السياح من زائري الهند، فهي أرض العجائب التاريخية، حسبما تشير البروفيسور أنانيا تشاكرافارتي: “من كنيس يهودي يعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي في كوتشي إلى القصور التاريخية الكبرى التي تشهد على ثراء الإمبراطورية البرتغالية وقوتها في إقليم غوا، تعرف الطلاب على مساحة كبيرة وفترة خصبة من الماضي، ولكنهم في الوقت نفسه أدركوا بوعي تام أن الهند دولة حديثة بالغة التعقيد.”
خلال زيارة في الصباح الباكر إلى مزاد لبيع الأسماك الطازجة التي يتم اصطيادها من أعماق البحر، تحدث الطلاب إلى الصيادين الذين يقودون اقتصاد مدينة كوتشي الساحلية الحديثة. كما منحت اللقاءات التي أجراها الطلاب مع الفنانين والأكاديميين وأمناء المحفوظات والناشرين، منحتهم لمحة واقعية عن الحياة الثقافية والفكرية في ولاية غوا المعاصرة.

مزاد أسماك أعماق البحار، مونامبام، كيرالا، صورة التقطتها أنانيا شاكرافارتي

البروفيسور شاكرافارتي تقرأ المخطوطات الموجودة في مكتبة كريشناداس شاما غوا المركزية في ولاية باناجي، غوا، صورة التقطها موظفو المكتبة المركزية
التعلم التطبيقي
تقول جوتسنا فينكاتيش، الطالبة في الحرم الجامعي في واشنطن العاصمة: “خلال زيارتنا لمكتبة غوا المركزية، تحدثت مع أحد الباحثين في المعهد الوطني لعلوم المحيطات، وهو المركز الرئيسي لإكمال مشروعي البحثي، مما أتاح لي فهم حالة العلوم ومستوى التعليم العلمي اليوم،”
وتضيف: “الآن، عند إجراء بحثي عن الجغرافيا السياسية للعلوم في المحيط الهندي، أصبح لدي فهم أوضح لما تبدو عليه الاستثمارات في مجال العلوم على المستوى المحلي في الهند المعاصرة.”
تقول أنانيا شاه، التي تركز في ورقتها البحثية على أدب “غوا” المعاصر: “قبل هذه الرحلة، كان بإمكاني تخيل صاحب عقار يصيح مصدرا الأوامر في ضيعة “غوا” بصورة ضبابية مبهمة الشكل، أما الآن، فيمكنني تصور المزهريات المزخرفة ومفارش المائدة والمنحوتات. والآن يمكنني أن أفهم حجم العمل الذي يتطلبه الحفاظ على ضيعة أرستقراطية وصيانتها.”

صورة جماعية للطلاب مع أساتذتهم أمام باسيليكا دو بوم يسوع، مدينة غوا القديمة، حيث دُفن جثمان القديس فرنسيس كزافييه، المبشر اليسوعي.

كنيس تشينامانغالام، صورة التقطتها أليسا كريستيلر
كما أدى الانغماس في هذه المواقع المحلية إلى تعميق فهم الطلاب لموضوعات أبحاثهم. بالنسبة لأليسا كريستيلر، التي تدرس الحياة اليهودية في كوتشي كان الربط بين التاريخ المقروء والواقع المعاش على الأرض بالغ الأهمية كما تقول: “كان وقوفي بجوار قبر ناميا موتا، وتعرجنا عبر الحواري الضيقة للوصول إلى هناك، ورؤية الأطفال يلعبون في الشارع القريب، من أفضل اللحظات لدي في هذه الرحلة، حتى وإن كانت قصيرة. كنت قد أمضيت ما يقرب من العام بأكمله في القراءة والكتابة عن النصب التذكاري وما يعنيه بالنسبة للمجتمع اليهودي القديم في “كيرالا” وكذلك رؤية الحي الذي يحيط به كما هو في الوقت الحاضر، ثم تسنت لي رؤيته على أرض الواقع.”

ضريح بامب ثانغال، صورة التقطتها أنانيا شاه
وقد ربطت تسنيم غديالي بين الاكتشافات التي وجدتها خلال زيارتها وبين تراثها الخاص وتاريخ أسرتها. فقد كتبت عن ضريح بامب ثانغال في كوتشي في دفتر يومياتها خلال أسفارها: “ذكرتني هذه الأضرحة الموجودة في غوجارات وخارج بومباي على الفور بمجتمعي وتاريخ اجدادي. ذلك لأن أسلافي من معشري جاءوا من اليمن… لقد أسسوا موانئ تجارية في سورات ومومباي وكيرالا وحتى في شرق أفريقيا. ولهذا السبب توجد مقابر مماثلة في جميع أنحاء العالم الإسلامي في منطقة المحيط الهندي.”
أمضى راسل نيجلو أدزيدو (دفعة 2025) وقته في استكشاف التاريخ المعقد لهذه المنطقة الساحلية من أجل إتمام ورقته البحثية حول كيفية تصوير مجموعة من الهنود المنحدرين من أصول أفريقية، تعرف باسم “السيدي”، في الأفلام المصورة. ويناقش في مذكراته المدونة خلال اسفاره محو تاريخ السود في المواقع السياحية، بما في ذلك الحي اليهودي في كيرالا، والقصور البرتغالية في غوا. وعن هذا يقول: “وجدتُ أن الطريقة التي تشكل بها هذه المدن رواياتها التاريخية غالبًا ما تستبعد المساهمين الرئيسيين في تكوينها – بما في ذلك المستعبدين”.
يوميات السفر المدونة بقلم راسل أدزيدو، جامعة جورجتاون في قطر
يوميات سفر “منهى صدّيقي”، جامعة جورجتاون في قطر
يوميات السفر المدونة لإيشان ديتي، طالب في العاصمة
“تقول سيندريلا: “لقد التحقت بهذه الدورة لأنني أتخصص في دراسات المحيط الهندي، وأنا مهتمة حقاً بجنوب آسيا على وجه الخصوص.
“إحدى الملاحظات التي سجلتها هي أن هناك الكثير من الكراهية تجاه السياح السطحيين، الذين يشتهرون بالتقاط صور للشواطئ ثم يرحلون. غوا منطقة جميلة جداً، ولكن لديها أيضاً تاريخ مظلم، وبحثي يدور حول الصورة التي يتم من خلالها تذكر ذلك التاريخ.”
تبادل طلابي بين الحُرُم الجامعية
كما عززت الرحلة أيضًا التبادل الفكري الثري بين الطلاب أنفسهم الذين جلبوا رؤى إقليمية وخلفيات أكاديمية مختلفة لعملهم. درست الطالبة “منهى صدّيقي” المتخصصة في الثقافة والسياسة، الدورة الدراسية الأولى أثناء دراستها بالحرم الجامعي في العاصمة الأمريكية في الخريف، مما عزز دراستها للمنطقة، بينما ظلت على اتصال بزملائها في الدوحة. ثم التحقت بالدورة الثانية خلال الفترة الدراسية الثانية في الدوحة. وقالت: “لقد حفزتني فرصة التعلم من ثلاثة أساتذة مختلفين على الالتحاق بالدورات.”
بالنسبة للطلاب الآخرين، كانت المرة الأولى التي التقوا فيها شخصيًا معا، كانت في الهند. قالت سيندريلا بانت (دفعة 2027): “على الرغم من أننا كنا نشتبك في مناقشات في الفصول الدراسية معًا، إلا أننا لم نكن نعرف بعضنا البعض حقًا، وأعربنا عن دهشتنا وكيف فوجئنا بشخصيات الآخرين عندما تعرفنا على بعضنا البعض بشكل مباشر، وهو العمق الذي لم يُترجم من خلال حوار الشاشات.”

الدكتورة رقية أبو شرف والدكتورة أنانيا تشاكرافارتي
يدرّس في “ندوة المحيط الهندي” أعضاء هيئة التدريس في جامعة جورجتاون الدكتورة رقية أبو شرف التي تدرّس في قطر، والدكتورة كويلين بارسونز والدكتورة أنانيا تشاكرافارتي اللتين تدرسان في واشنطن العاصمة. وقد حصلن معًا على منحة كرسي سونبورن للتعاون المتعدد التخصصات من مكتب العميد الأكاديمي للجامعة، وهو ما مكنهن من تعزيز العمل التعاوني فيما بينهم في دراسات المحيط الهندي الذي انخرط فيه الثلاثي منذ ما يقرب من عقد من الزمان. وقد نظموا هذا العام مؤتمرًا بحثيًا طلابيًا وصمموا ودرّسوا هذه الدورة، مع التخطيط لعدد من المشاريع البحثية والتدريسية الأخرى خلال العامين المقبلين.
قالت الدكتورة رقية أبو شرف: “كانت الرحلة مفيدة حقًا للطلاب الذين تعلموا كيف يطرحون أسئلة ذات مغزى، وكيف يتحدثون مع الناس بتواضع وفضول، وكيف يتعرفون على ما هو مهم خلال الحياة اليومية – مما ساعدهم على ربط ملاحظاتهم بمواضيع أوسع في المنهج الدراسي”، مضيفةً: “لقد كانت الرحلة نافعة جدًا للطلاب وهو مؤشر على نجاحها، فقد تعلموا الكثير من الأساتذة الآخرين ومن بعضهم البعض، وأنا أتطلع حقًا إلى مواصلة هذا العمل.”
“تقول سيندريلا: “لقد ساعدتني رؤية كيف كان الناس يعيشون والقطع الأثرية في المتاحف على فهم قراءاتي، فمنذ عودتي، أصبح لديّ فهم مختلف تمامًا بعد أن تمكنت من تصور المكان، ورأيت الأدلة المادية بأم عيني.”
تجسّد الدراسة الميدانية لندوة المحيط الهندي التزام جامعة جورجتاون بالتعاون بين الحرم الجامعي الام في واشنطن العاصمة وحرم الجامعة في المدينة التعليمية بالدوحة، خصوصا فيما يتعلق بالتعلم التجريبي والبحوث المبتكرة. كما أنها تأتي في الوقت الذي تحتفل فيه جامعة جورجتاون في قطر بذكرى مرور عشرين عاما على تأسيسها في الدوحة، حيث تحتفل الجامعة بمرور عقدين من التميز الأكاديمي والمشاركة العالمية والمساهمة في بناء المعرفة في المنطقة.